الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

هزيمة فلول الحزب الوطنى


هزيمة الفلول

لا أحد يتصور أن المعركة مع فلول الحزب الوطنى ستنتهى بعزل مئات أو آلاف الأشخاص من ممارسة الحياة السياسية بسبب فسادهم وإفسادهم، فحتى لو كان قانون العزل خطوة فى اتجاه مواجهة فلول الوطنى بشمله قيادات الصف الأول والناجحين فى انتخابات مجالس الشعب والشورى والمحليات بالتزوير، فإن هذا لا يمنع من وجود معركة سياسية حقيقية وضارية مع مئات الآلاف من الفلول وأنصارهم من البلطجية والمنتفعين، وهى معركة يمكن أن تربحها بسهولة نسبية قوى التغيير بحد أدنى من التنسيق والتوافق.

أما المعركة الثانية الأصعب فهى مع «ثقافة الفلول» التى زرعت فى المجتمع المصرى وأثرت فى قطاعات منه، وتقوم على السلبية وبيع الأصوات واعتبار نائب الخدمات هو النموذج الوحيد للنائب الناجح، وهى ثقافة تحتاج لجهود جبارة من أجل تغييرها بتقديم نماذج مختلفة عن نائب الخدمات تكون قادرة على إيجاد «الوصفة السحرية» للنائب المرتبط بأهل دائرته وفى نفس الوقت لدية رؤية سياسية.

إن مرشحى الفلول سواء كانوا أعضاء رسميين فى الحزب الوطنى أو غير أعضاء (وهؤلاء سيكونون الأغلبية) ممن تربوا على «الثقافة المباركية» الفاسدة وكانوا أبناء مخلصين لتركته فى الفهلوة وعدم الجدية وترويج الأكاذيب.

كثير من هؤلاء أنزلوا يافطة حسنى مبارك ونجله ورفعوا يافطة «ثورة 25 يناير المجيدة»، وهؤلاء، وخاصة فى الصعيد، أسسوا ائتلافات سموها ائتلافات شباب الثورة وأغلبهم كانوا إما أعضاء فى الحزب الوطنى أو نتاج ثقافته.

ليس من حق كثيرين ممن أيدوا النظام السابق وعاشوا فى كنفه واستفادوا منه أن يزايدوا على الجميع، ويبدوا وكأنهم أكثر ثورية من الثوار الحقيقيين، وهم فى ذلك يقدمون رجال «غسل المواقف» الذين يتصورون أنهم بإنزال يافطة مبارك ورفع علم الثورة قد حلوا كل شىء.

إن فلول الوطنى أكبر من مئات الأشخاص الذين يجب عزلهم سياسيا، فهم أمراض مجتمع مأزوم تركه مبارك بعد 30 عاما من التخريب والتدمير لكل معانى الكفاءة والمهنية والنزاهة، ومواجهتهم وهزيمتهم تعنى بداية النهضة الحقيقية لهذا البلد.

وإذا كانت الثورة أخرجت أفضل ما فى شعب مصر، فإن الواقع الحالى يخرج كثيرا من الجوانب السلبية التى تركها مبارك من فوضى وعشوائية وفلتان أمنى وبلطجة وهى كلها أركان أصيلة فى تركته.

إن هزيمة الفلول مجتمعيا لن تتم إلا ببناء النسق السياسى البديل ولو تدريجيا، ويتطلب ذلك إجراءين جراحيين لا بديل عنهما، أولهما استبعاد المزورين والفاسدين من المشاركة فى العملية الانتخابية، وثانيهما وهو الأخطر (الذى لم نفعل فيه شيئاً على الإطلاق) وضع أسس نظام جديد يجعل قدرة أى شخص، يأتى على قمته، على الفساد والإفساد مستحيلة نظريا وصعبة عمليا.

لا يجب أن يتصور أحد أن التطهير الحقيقى يتمثل فقط فى عزل ومحاكمة رموز النظام السابق، إنما فى بناء منظومة جديدة تكون قادرة على اختيار أفضل العناصر لقيادة هذا البلد ، ووضع قواعد جديدة لإدارة مؤسسات الدولة، لأننا ننسى أن من نغيره، يأتى مكانه شخص على نفس القواعد القديمة، وعلى نمط الإدارة القديم بكل سوءاته، فالحل لن يكون فقط بتغيير الأشخاص إنما أساسا بتغيير القواعد التى تحدد عمل هؤلاء الأشخاص

بقلم: عمرو الشوبكى فى الشروق 4 اكتوبر 2011




أضف تعليقك

0 comments :

إرسال تعليق