الاثنين، 2 أبريل 2012

نلعب من الأول!


كتب طارق رضوان فى التحرير:
مساكين الإخوان. ما يتعرضون له هو بداية النهاية لو يعلمون. الطريق الطويل من الحياة السياسية مهدد بالتلاشى رويدا رويدا. ولا حل أمامهم إلا الانسحاب إلى مكتب الإرشاد ليعودوا إلى تربية الفرد فقط، ويبتعدون عن الحياة السياسية، ولا عذر لهم على الإطلاق، كل شىء كان فى أيديهم المتوضئة الطاهرة، كما يزعمون، وفجأة ظهرت الأيدى إما مرتعشة أو مستغلة أو تريد التكويش على كل ما هو موجود على المائدة. من يريد كل شىء يخسر كل شىء. يعانون من نقص الكوادر. سوق الإخوان شاححة فى الأفراد هذه الأيام. الاستبداد الإخوانى وفاشيتهم وديكتاتورية القيادات هو السبب. طرد وتجميد وحروب ضارية على كل مخالف فى الرأى ومخالف فى الفكر يتعرض للهجوم الكاسح والتشريد السياسى والمعنوى والمادى. فاختفت الكوادر وندرت. الكتاتنى مافيش غيره. الكتاتنى لرئاسة مجلس الشعب. الكتاتنى رئيسا للجنة الدستور. الكتاتنى مرشحا محتملا لرئاسة الجمهورية كما أشاعوا. الكتاتنى بتاع كل شىء بتاع كله. وأصبحوا فى غمضة عين يمتلكون الرجل السوبر وهو فقر شديد فى الأفراد وفى الأعداد لحكم دولة فى حجم مصر. الإخوان الآن يواجهون اللاءات الثلاث. (لا) سحب ثقة من الحكومة وتشكيل حكومة جديدة، و(لا) كتابة دستور منفردا وتشكيل لجنة تأسيسية منهم، و(لا) ترشيح رئيس للجمهورية أو حتى الاقتراب من هذا المنصب مدى الحياة. ولن يتحرك الإخوان تجاه اللاءات الثلاث إلا بالصوت العالى وإلقاء الاتهامات وتخوين كل من حولهم. فكل يوم نسمع عن حكومة جديدة واسم مرشح لها وأسماء مرشحين للوزارات الأخرى، ولا يتم أى شىء. لن يشكلوا حكومة جديدة. والسبب أنهم طلبوها فلن تأتى إليهم الآن. الحكومة من الإمكان أن تأتى بعد كتابة الدستور والاستفتاء عليه. وستكون الحكومة منحة من العسكر لهم ولن تأخذ بالطلب أو لى الذراع. ووقتها ستسلم البلاد خرابة ومفلسة وشيل يا شاطر وصلى يا بديع من أجل إنزال البركات من السماء.

أما (لا) الثانية التى تخص كتابة الدستور. فقد كان واضحا تماما من اجتماع العسكر مع رؤساء الأحزاب أن المشير لم يتكلم سوى خمس دقائق من خمس ساعات كاملة تحدث فيها الجميع وكل واحد فيهم قال ما يريد. وصمت العسكر يدل على أنهم اتخذوا القرار بل ويعرفون مسبقا ما سيقوله هؤلاء. الدستور لن يكتبه الإخوان. ولن تكون اللجنة المشكلة من الأغلبية البرلمانية الإخوانية. يتفق فى ذلك كل التيارات الأخرى. وكم الانسحبات التى تتم كل يوم تدخل اللجنة التأسيسية فى ورطة كبيرة. وتهددها بالانهيار. الأقباط هم الآخرون معترضون، ولن يتنازلوا عن وضع كلمة المدنية فى الدستور وهو ما صرح به المجمع المقدس المنعقد بشكل دائم. وهو تصريح خطير. تصريح صدمة وغير مألوف. لا يمكن أن يطلقوه هكذا دون معرفتهم مسبقا أن اتجاه الريح فى هذا الاتجاه. وانسحاب الأزهر الأسبوع الماضى كارثة. فهل يتخيل أحد أن الدستور المصرى يكتب دون وجود الأزهر فى لجنته التأسيسية. إذن الإخوان لن يكتبوا الدستور وحدهم.

أما (لا) الثالثة فهى مرشح الإخوان لرئاسة الجمهورية. وهو أمر مستحيل. لا تتخيلوا أبدا أن رئيس الجمهورية يأتى بالانتخاب، خصوصا هذه المرحلة القادمة الشديدة الخطورة رئيس الجمهورية يأتى بالتعيين أو بالتكليف. وعندما لوح الإخوان بمرشح للرئاسة. وتسرب اسما الكتاتنى والشاطر المرشحان فى كل قيادة. ظهر البعبع القديم فى الناحية الأخرى ظهر العو. تم التلويح بترشيح عمر سليمان وهو البعبع الذى يعرف الإخوان جيدا أن هذا الرجل لا يطيق سماع سيرتهم وهو واضح فى ذلك تماما ويعلنه. ويعرفون أن مصيرهم السجون تحت ولايته وبظهوره يعنى سياسة جديدة تجاههم، لكن لا سليمان سيترشح. ولا الإخوان سيرشحون مرشحا إخوانيا. العسكر يقيم الآن مسرح العمليات تمهيدا للحدث القادم، لعبة الضُمَنة قفلت كما كان يقول أنور السادات، وعلينا أن نهد ونبنى من جديد. اللعب من جديد. انتخابات مجلس الشعب باطلة وغير دستورية. تعاد من جديد. وهنا يظهر حجم الإخوان الحقيقى أو يدخل المجلس حجمهم المطلوب وهو 25 فى المئة على أقصى تقدير. الإخوان يتعرضون لأشرس حملة فى تاريخهم فى كل العالم العربى وما يحدث فى الخليج من هجوم ضارٍ، خصوصا من وزير داخلية الإمارات يجعلنا نعيد تفكيرنا فى اللعبة من جديد. لعبة الأمريكان ودورهم فى القضاء على الإخوان فى العالم العربى. الخليج لا يمكن أن يهاجم الإخوان بهذه الشراسة إلا عندما يعطى الأمريكان الضوء الأخضر للهجوم، وقد انكشف الإخوان وظهرت حقيقتهم السياسية التى لا تفرق كثيرا عن أحزاب الديكتاتوريين فى العالم العربى، وبانت نيتهم تجاه الحكم بالتكويش وفرض الرأى وإعادة تشكيل وصياغة الدول بما يتلاءم واتجاههم السياسى، وليسوا أصحاب مشاريع وطنية كما هو حادث فى تركيا، إذن هنا اجتمع نقيضان ضد الإخوان، الشعب الذى يريدهم أصحاب مشاريع ديمقراطية ونقيضهم من الخارج يريدون إسلاميين مخففين كما هو فى تركيا. ووقع الإخوان بين المطرقة والسندان. والخسارة هى طريقهم الأخير والوحيد لأنهم كسابقهم قوم جاهلون وقد أعماهم الغرور وغرتهم الحياة السياسية. وظنوا أنهم ورثوا الأرض وما عليها. تم ذلك فى وقت زمنى قياسى. إذن دعونا نبدأ من الأول ونعيد ما كنا نقوله منذ يوم 11 فبراير الشهير، لكن هذه المرة لن نجد الإخوان كما كانوا من قبل، انتهت اللعبة القذرة، وكل واحد عرف حجمه. وظهرت نيته والبقاء للأقوى. ولا أرى أمامى إلا العسكر يديرون كما يشاؤون، والباقى متفرج ويفعلون ما يريدون.
طارق رضوان
المصدر: التحرير

أضف تعليقك

0 comments :

إرسال تعليق